U3F1ZWV6ZTE2MzY5NTM1MTAzNzQ3X0ZyZWUxMDMyNzMxODIzMTA5MA==

الحرب هي فلسفة الحياة

الحرب هي فلسفة الحياة 

يتصور أكثر الناس أن الحياة وردية، فإذا اصطدموا بالواقع شعروا بالإحباط
يتصورن أن السعادة تنحصر في الإنغماس في الملذات وإلتزام جانب السلم دائما
ونسوا أن لكل منفعة تكلفة، وتكلفة السلام هي الحرب.
هؤلاء الناس يتمنون الكثير، ولا يقدمون حتى القليل،
يسعون لرغد العيش دون دفع الثمن،
يرغبون في العيش بسلام دون مقاومة التحديات !! يرغبون في سلام مجاني !!
ذلك الشخص الذي يسعى لتحقيق السلام في حياته دون الإستعداد لخوض الحرب هو شخص جبان.
ونقصد الحرب بجميع مستوياتها
الحروب بين الشعوب والدول، الحروب بين مؤسسات الأعمال والتنافس على جمع الثروات، حروب سوق العمل واقتناص الفرص الوظيفية، الحروب الفكرية، حروب العائلات بين بعضها البعض، الحروب الإجتماعية بين الأفراد بشكل عام، وأيضا الحرب التي تشنها النفس على صاحبها.
أعلموا شئتم أم أبيتم
الحرب مفروضة على الجميع بلا إستثناء.
" وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ " ( البقرة 251 )
حتما ولابد ستصطدم في حياتك بالمشاكل والتحديات وأُناس يستحبون الشر كما تستحب أنت الخير.
الحرب هي فلسفة الحياة


هل تعتقد أن هؤلاء الصنف من البشر يستحقون السلام المجاني والمعاملة الحسنة ؟!
هذه الحروب في ظاهرها شر تحمل في باطنها الخير.
وأيضا من قول الله سبحانه وتعالى " أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ " ( العنكبوت 2 )
بالتأكيد أعلم أن تفسير الآية - حسب تفاسير السلف الصالح وجمهور أئمة العلماء - يتعلق بالفتن التي يُبتلى بها المرء لتختبره في دينه بشكل عام طوال فترة وجوده في الحياة الدنيا.
ويجوز أن نستنبط بشكل باطني من الأية الكريمة أن الإنسان معرض للتحديات والمشاكل والحرب النفسية طوال فترة حياته،
فكلما إنتصر الإنسان في تحدي واجهه إرتقى أكثر فأكثر، سواء ماديا أو معنويا،
حتى في فلسفة التعليم، إذا أعطيت التلميذ المعلومة مباشرة، لن تُحدث له أي أثر إيجابي ولن يستفيد منها شيئا !
لكن إذا حاصرت التلميذ في نطاق مسألة تعطيها له تستفز عقله ( تحدي ) ويحلها، سيشعر بنشوة الإنجاز وإجتياز الصعاب، ومن ثم يحدث التعلم الحقيقي !
وكل ما تعطيه تحدي أصعب من الذي سبق له، سيرتقي ويتحسن مستواه التعليمي.
لذلك إفهم، الله سبحانه وتعالى لا يمنينا بطريق مُعبد بالورود في الحياة الدنيا
فالحياة سِجال بين الخير والشر، بين الحق والباطل.
ولذلك لزاما عليك أن تكون مستعدا دائما،
" وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ " ( الأنفال 60 )
فالإستعداد للحرب يمنع الحرب، والسلام يعني إمتلاك عصا أكبر من الطرف الآخر
الإستعداد يكون بأى طاقة وبأى قدرة، سواء قوة البدن، أو قوة العقل ولمعان الفكر، أو قوة العزيمة وصلابة الإرادة وحمل النفس على تحمل الصعاب، وتلك هي أعظم قوة يمتلكها الإنسان على الإطلاق !
ومعروف حتى من باب الإيمان، أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
والمقصود هنا طبعا قوة الإرادة والنفس، ثم يأتي بعدها باقي أصناف القوى.
وكلما حاولت أن تهرب من المشاكل وتتجنب الحرب وتستسلم للظروف،
ستطاردك المشاكل والمصائب وتلتصق بك أينما ذهبت، وستتفاجيء بإنتقال الحرب إلي عقر دارك، وستحاصرك الظروف من كل ناحية
مثل ما قالوا في الأمثال " الهروب من الموت موت، وطلب الموت حياة "
وهل معنى كلامي البغي والعدوان وظلم النفس والناس ؟!
أبدا بالعكس
هذا الكلام - أولا وأخيرا - يدور في فلك الإستعداد وإمتلاك القوة لمواجهة التحديات.
وإن واجهتك المشاكل وإندلعت الحرب، أصبح لزاما عليك المواجهة.
إن هُزمت قف على قدميك من جديد وأستعد من جديد، فلم تنتهي الحرب بعد.
وإن إنتصرت ووضعت الحرب أوزارها، إعرض السلام على الطرف الآخر.
وهناك مثال تاريخي لا يمكن تجاهله على المحبة والسلام، ولكن للأسف أغلب الناس أساءت فهمه.
رسول الله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، كان يُلقب برسول المحبة والسلام.
وكان مشهور بأقواله التي تعكس مدى محبته للسلام مع أعداؤه وبدون مقابل !!
قال " من لطمك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر ، ومن نازعك ثوبك فأعطه رداءك ، ومن سخرك ميلا فامش معه ميلين "
ومع ذلك وجدته يقول كلام في ظاهره يناقض كلامه عن المحبة والسلام، في إنجيل متى يقول " لا تظنوا اني جئت لالقي سلاما على الارض. ما جئت لالقي سلاما بل سيفا "
وقال أيضا في إنجيل لوقا " من ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا "
فيما معناه أنه من لا يملك سيفا فليبع ثوبه ويشتري واحدا
هل هذا تناقض في كلامه ؟!
في الحقيقة لا !!
ما قاله المسيح عليه السلام في البداية فيما يخص نشر المحبة والسلام هو كل ما قاله جميع الرسل والأنبياء قبله وبعده،
جميعهم بلا إستثناء كانوا يدعون إلي المحبة والسلام وإتباع الحق، وكان القصد من كل الرسالات من البداية حتى النهاية هو إعادة مسار البشرية نحو نشر السلام وإقامة العدل، وقبل كل ذلك كانوا يدعون إلي عبادة الواحد الأحد الله سبحانه وتعالى.
وفي نفس الوقت كان يعظ أتباعه بنشر المحبة والسلام والإستعانة بالصبر على الأذى كنوع من أنواع التربية وإعداد الجيل المؤمن القادر على تنظيم أمور مجتمعه ومواجهة التحديات والعقبات بعد ذلك.
والأهم من ذلك، ما كان هناك خيار أخر بالنسبة له ولأتباعه وهم ما زالوا قلة في البداية غير الصبر وإلتزام جانب السلم،
خاصة ما كان في استطاعتهم مواجهة الدولة الرومانية الي كانت القوة العظمى المسيطرة على أغلب دول العالم، ومنها طبعا فلسطين، والتي كانت مهد رسالة المسيح عليه السلام وأتباعه المؤمنين.
فــ لو قام بالحرب في البداية مع القلة المؤمنة لهلكوا.
لذلك كان لزاما في البداية أن يربي أتباعه على المحبة والسلام والصبر على الأذى والبلاء حتى يأتي أمر الله بالمقاومة والجهاد.
لذلك أمر أتباعه لاحقا بضرورة الحصول على سيف، وأن الجهاد والقتال أمر حتمي، وأن الجهر بقول الحق حتما سيفتح عليهم بوابة الحرب، وإنه جاء من أجل نشر الحق ولو لزم الأمر اللجوء إلي خوض الحرب.
مثل ما قال أيضا في إنجيل متى " فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا "
هذه الحالة بالظبط تشبه حال القلة المؤمنة الي كانت مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مكه.
طوال فترة إقامة المؤمنين في مكة ( المرحلة المكية ) أمرهم الرسول بالصبر على الأذى وعدم القتال، وإذا خاطبكم الجاهلون قولوا سلاما، حتى يأتي أمر الله.
وحينما إشتد الأذى على المؤمنين والرسول، هاجروا إلي يثرب، وأقاموا حجر الأساس لدولتهم، ونجحت الخطة هذه المرة بفضل الله.
وعندما وُضعوا أمام الأمر الواقع، وأصبحت الحرب قاب قوسين أن تنتقل إلي عقر دارهم، أذن الله لهم بالقتال، ولقوا المشركين في بدر وإنتصروا بحمد الله.
وتذكروا، مهمة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لم تكتمل بعد، فهو عائد في نهاية الزمان ليُتم نور الله ولو كره الكافرون.
ولذلك نستنتج أن ما قاله عن شراء السيف وأنه جاء الأرض ليلقى سيفا يخص أحداث في المستقبل.
عندما يعود سيعلن الحرب على كل أعداء الله، ولن يقبل إلا الإسلام دينا، لذلك في المستقبل سيتم إتهامه بالجبروت.
ولكنه نطق وهو في المهد قائلا " وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا " ( مريم 32 )
وبذلك نفى عن نفسه صفة الجبروت.
ونفهم من ذلك الأمر كله أنك إذا لم تكن جاهزا لخوض الحرب ضد أعداءك في الوقت الحالي، إلزم جانب السلم حتى تتمكن وتثبت أركانك.
ولكن من هم أعداءك ؟!
العدو الأول هو النفس، نفسك هي ألد أعدائك، فهي آمارة بالسوء، لزاما عليك أن تجاهد نفسك، ولا تترك مجال لسلطان الهوى، قاوم ميلك للكسل والراحة، ولا تنغمس في الملذات، وأدبها بالصبر والصلاه والصوم وفعل الأعمال الصالحة،
وكذلك زكي نفسك بالذكر الحكيم، ونمى عقلك بالقراءة والتعلم المستمر وإكتساب المهارات والإنخراط في المهام والأعمال. تذكر أن الفراغ قاتل.
ولن تستطيع معرفة الحقيقة إلا إذا قمت بتنقية نفسك من أمراض القلب، كالكراهية والعنصرية والبخل والحسد والحقد والرياء وحب الذات.
فإذا صفت القلوب رأت.
وإسعي دائما للإنتصار للحق، لا للإنتصار لذاتك.
تذكر أن حرب النفس هي أصعب الحروب على الإطلاق، لذلك سُمي جهاد النفس بالجهاد الأعظم، ولو إنتصرت على نفسك ستنتصر في كل الحروب الأخرى.
العدو الثاني هو الشيطان، وهو ألد عدو لك بعد نفسك، وما يحدد نتيجة حربك مع الشيطان هو مدى قربك من الله.
العدو الثالث هو الحكومات بشكل عام، كل حكومات العالم بلا إستثناء تكذب على شعوبها وتخدعها وتنهب ثرواتها ليحظى بثمارها في النهاية النخبة السياسية والمقربين من رجال الأعمال.
وللأسف لا يمكن الوثوق في أى حكومة في العالم إلا إذا كانت حكومة منتخبة من قبل شعوبها فعلا، ويكون العدل فيها أساس الملك.
وأقذر الحكومات على الإطلاق هى الأنظمة العربية، أكثرهم جواسيس وتوابع لأعداء الأمة.
العدو الرابع هو البنوك، لا يمكنك فهم مدى حقارة وشر هذه المؤسسات إلا إذا تعمقت في أدبيات البنوك وعلم الإقتصاد.
العدو الخامس هو الشركات المساهمة العملاقة، خاصة شركات الأطعمة الغذائية والأدوية، كلها شركات نصابة، تغش في الكيل والميزان، ناهيك عن الغش في سعر وجودة المنتج نفسه.
العدو السادس هو وسائل الإعلام، لا تستمع لهم ولا تلقي لهم بالا ولا تصدق لهم كلمة، فكلهم كاذبون، إلا الإعلام الحر فقط على اليوتيوب ومواقع السوشيال ميديا.
باقي الإعداء يعتبروا مدى واسع وكبير جدا من المنافقين والحسوديين والبخلاء وآكلي أموال اليتامى وحقوق الناس والمرتشين وأصحاب المصالح الشخصية، حقيقي لا يستحقوا أى تعاطف أو تسامح.
وتذكر أنك في النهاية لن تستطيع قياس الناس بميزان من ذهب، الإنسان بطبعه قاصر ملىء بالنواقص.
ولكن عندما يعترف الإنسان بقصور عقله ونواقص نفسه ويعمل على معالجتها، فقد ضمن لنفسه نصف النصر في الحرب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

رائع

الاسمبريد إلكترونيرسالة